علم تفسير الأحلام
علم تفسير الأحلام ومبادئ تعبير الرؤيا
ما هو علم تفسير الأحلام؟
هل تفسير الأحلام علمٌ أم وهم؟!
يقول الله تعالى في القرآن الكريم من سورة الأنفال مخاطباً رسوله الكريم ﷺ ((إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)).
أمَّا تعبير الرؤى في الإسلام فهو حقٌّ لا يمكن نكرانه، وقد وهب الله تعالى القدرة على التعبير لنبيه يوسف عليه السلام كما جاء في القرآن الكريم في سورة يوسف من الآية 6 ((وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ)).
وقد أوحى الله تعالى إلى نبيه إبراهيم بذبح ابنه اسماعيل عليهما السلام بواسطة الحلم ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)) الصافات 102.
وعُرف عن الرسول محمد ﷺ أنه كان يثق بالرؤى ويعبرها، وقد رأى أنه يدخل بيت الله الحرام آمناً مع أصحابه كما جاء في القرآن الكريم من صورة الفتح الآية 27 ((قَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)).
بناءً على ما سلف فإن الرؤيا في المنام من وجهة نظر الدين الإسلامي حقيقة لا يمكن الطعن فيها، وقد خص الله من عباده الأنبياء والصالحين ليتمكنوا من فكِّ شيفرة الأحلام.
كيف أتعلم تفسير الأحلام؟
هل تفسير الأحلام هبة أم علم يكتسب؟
يحتدم الجدل بين المؤمنين بتعبير الرؤيا وغيرهم من المشككين بتفسير الأحلام، وقد حسمنا أن الدين الإسلامي يذكر الرؤيا كوحي وإشارة من الله تعالى يهبها لمن يريد، فلا مكان لإنكار حقيقة الرؤى لمن آمن بالإسلام وكتابه.
وأما الجدل الأعمق فهو بين المسلمين المؤمنين أنفسهم حول إذا ما كان تفسير الأحلام هبة من الله أم أنه علم يمكن اكتسابه بالدراسة والبحث ويمكن تعليمه أم أن فيه من الأمرين معاً؟!.
الرأي الأول: التفسير هبة مخصوصة
يقول أنصار هذا الرأي أن تفسير الأحلام هبة من الله تعالى يخص به من يريد من الأنبياء والرسل والصالحين والأولياء، ولا سبيل لمن لم يهبه الله هذه القدرة أن يكتسبها بالتعليم أو البحث أو الممارسة، فإدراك الإشارة التي يبعث بها الحلم ملكة ممنوحة لا تكتسب.
ومن أنصار هذا القول فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة وغيره من الشيوخ والعلماء، ويدعمون قولهم هذا بأن الرسول الكريم كان يمتنع عن تفسير الرؤيا أحياناً لأن له الوحي من الله، كما أن تفسير الرؤيا الواحدة قد يختلف من شخص لآخر والله أعلم.
وأنصار هذا المذهب من العلماء والشيوخ الأفاضل يرون في الاعتماد على كتب تفسير الأحلام مجانبة للصواب، فلا يوجد ما هو وصفة ثابتة مطلقة لتفسير الرؤيا.
الرأي الثاني: تفسير الأحلام علم له معاييره وأساليبه
وأمَّا الرأي الثاني فيقول أن علم تفسير الأحلام كغيره من العلوم يمكن التعرف إليه عن طريق الكتب والدراسة والبحث، وهم لا ينفون الهبة في تفسير الأحلام، لكنها عندهم كغيرها من الهبات، فكما أن الطب يتم تدريسه في الجامعات فيتميز طالبٌ عن آخر بموهبة خاصة كذلك هو الأمر في تفسير الأحلام.
وهذا الرأي يؤمن به كل من يتعامل مع كتب تفسير الأحلام لابن سيرين والقادري وابن شاهين والنابلسي وغيرهم من كبار المفسرين، ويعتقدون أن هذه التفسيرات صحيحة بمعظمها ويجب اتخاذها كمعيار رئيسي ليتم إسقاطه على حالة الرائي وتفاصيل الرؤيا.
الرأي الثالث: تفسير الأحلام موهبة لا بد من صقلها
هذا الرأي يدعم الرأي الأول أن تفسير الأحلام موهبة مخصوصة يعطيها الله لمن شاء من عباده ولا يمكن أن يكتسبها الإنسان بغير ذلك، لكن على المفسر الذي هداه الله إل هذه الهبة أن يكون عارفاً بأمور الدين حافظاً للقرآن الكريم ومدركاً معانيه وتأويل آياته، فبغير ذلك لا يمكن أن يكون مفسراً، وقد يكون كذلك بطبيعة الحال ليجتبيه الله بهذه الخصلة والله أعلم، ومن أنصار هذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
مبادئ تفسير الأحلام
ما هي طريقة تفسير الأحلام عند كبار المفسرين؟
بالنسبة إلى من يذهب من العلماء والمفسرين إلى اعتبار تفسير الأحلام موهبة مطلقة يختص بها أشخاص قلة مصطفون فهم لا يعترفون بوجود مبادئ أو قواعد مطلقة وثابتة لتفسير الأحلام، لكن ذلك لم يمنع من وجود هذه المبادئ مكتوبة ومدونة.
ووجود هذه المبادئ والقواعد يبقى مرهوناً بشكل دائم بشخصية مفسر الأحلام نفسه الذي يمتلك هامشاً كبيراً من الحرية في التأويل لشدة اختلاط المعاني وتنوعها واختلاف أدوات التفسير كما سنرى في الفقرات القادمة، ربما يكون هذا ما جعل البعض يقول أن علم تفسير الأحلام علم ظني وليس يقينياً.
والمبادئ التي سنذكرها هي ما استنبطناه من طريقة كبار المفسرين في تفسيرهم للمنامات، وهي مرتبة حسب الأولوية والأهمية:
- القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف
- اللغة باللفظ والمعنى والدلالة
- الرموز والتراث
- حكمة مفسر الأحلام
القرآن الكريم وتفسير الأحلام
تعتبر آيات القرآن الكريم أهم مصدر لتعبير الأحلام
يعتبر القرآن الكريم رأس مراجع تفسير الأحلام في الدين الإسلامي، حيث يجب على المفسر أن يبحث عما يهديه إلى تعبير الرؤيا في القرآن الكريم أولاً وقبل أي شيء آخر.
وهناك مئات الأمثلة عن تفسير الأحلام من القرآن الكريم، منها مثلاً:
- قول ابن سيرين أن الهروب من السفينة إلى الجبل في المنام يدل على المعصية والهلاك لقصة ابن سيدنا نوح التي وردت في القرآن الكريم في سورة هود “وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)”
- كذلك قوله في تفسير رؤية الماء في المنام أن الماء قد يدل على الزواج والمصاهرة لقوله تعالى في سورة الفرقان ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا)).
- وبطبيعة الحال قد ترد الكلمة الواحدة في مواضع مختلفة في المعنى، فتسير رؤية الأذان في المنام قد يكون على قوله تعالى في سورة الحج((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا))، فيكون التأويل أن الرائي يحج أو نحو ذلك، وقد يكون التفسير على قوله تعالى في سورة يوسف ((فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)) فيكون التفسير أن الرائي يتعرض للاتهام بالسرقة أو يقوم بالرقة فعلاً.
- والتفسير يكون على ورود اللفظ في القرآن الكريم كتفسير ابن سيرين والنابلسي لرؤية الفاكهة في المنام على أنها قد تدل على الزواج لقوله تعالى في سورة يس ((فاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ)).
- وقد يأتي التفسير على القصة العامة كتفسير رؤية السقوط في البئر على أنها فرج بعد كرب لقصة النبي يوسف عليه السلام الذي ألقاه أخوته في البئر فكان ذلك مقدمة لذهابه إلى مصر وما عاناه فيها من ظلم وجور إلى أن صار عزيزها وخازنها ونبيها.
- كذلك الاستدلال على أن مس الشيطان في المنام قد يدل على الأمن والفرج لقول سيدنا أيوب مناجياً ربه كما ورد في سورة ص ((وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)) وما تلا ذلك من شفائه.
هكذا… فإن معبر الرؤى أول ما يبحث عنه لتفسير الحلم هو تقاطع الرؤيا مع ما ورد في القرآن الكريم، فإما أن يبحث عن اللفظة وإما أن يبحث عن المعنى وإما أن يبحث عن القصة، وفي كل الأحوال يتطلب استنباط المعنى من القرآن الكريمة دراية وعلماً بعلوم اللغة وعلوم القرآن.
الحديث النبوي وتفسير الأحلام
كيف يتم تفسير الرؤيا وفق الأحاديث النبوية الشريفة؟
يلجأ المفسرون إلى الأحاديث النبوية الشريفة لتعبير الرؤيا كمصدر موثوق، وقد وردت الكثير من الأحاديث كمرجع وشاهدٍ على تعبير الرؤيا عند كبار المفسرين.
نذكر منها مثلاً تعبير رؤية قوارير الزجاج في المنام أنها تدل على النساء لقوله ﷺ “رفقاً بالقوارير”، كذلك تعبير رؤية النخيل في المنام أنه يدل على المسلم لقوله ﷺ “شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المسلم”، وعشرات الأمثلة.
كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر الأحلام؟
وفي باب الأخذ بالحديث النبوي الشريف لتفسير الأحلام قد يعمد المفسر للاستعانة بمعنى الحديث كالأمثلة التي ذكرناها سابقاً، وقد يلجأ لأخذ تفسيرٍ عن النبي ﷺ بالقياس، كتفسير رؤية الرأس يتدحرج في المنام أنه يدل على تلاعب الشيطان بالرائي، وذلك أن أعرابياً سأل النبي ﷺ عن هذه الرؤيا فقال له: “لا تحدث الناس بتلعب الشيطان بك”.
أخذ آداب التفسير وأصوله من أحاديث النبي ﷺ
وبعيداً عن استنباط المعاني والقياس فإن على المفسر أن يكون ملماً بالسنة النبوية عموماً وبتعاليم الرسولﷺ حول تفسير الأحلام خصوصاً.
فهناك مجموعة من الأحاديث النبوية والسير التي تروى عن الرسول ﷺ تضع قواعداً لا بد من اتباعها لمن أراد أن يقوم على تعبير الرؤى وأراد له الله ذلك.
منها قصة امرأة زوجها مسافر في تجارة وهي حامل، فجاءت النبي تريد تفسير رؤية سارية بيتها قد انكسرت وأنها ولدت غلاماً أعوراً، قال له الرسول ﷺ أنها تلد غلاماً برًّا ويعود زوجها صالحاً، فعادت وأتت تسأل عن رؤياها ذاتها لكنها لم تجد الرسول ﷺ فروت حلما لعائشة رضي الله عنها، فقالت لها: يموت زوجك وتلدين غلاماً فاجراً.
فقعدت المرأة تبكي، وإذا برسول الله يدخل عليهما فتقص عائشة عليه الخبر، فقال: مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها.
ومن هذا الحديث يؤخذ مفسرو الأحلام أمرين؛ أولهما أن الرؤيا محققة على ما يتم تفسيرها وهو باب فيه جدل كثير، وأما الثاني فهو أن التفسير يكون على الأخير والأحسن.
كذلك الأحاديث الصريحة المروية عن النبي ﷺ عن تعبير الرؤيا، منها قوله “الرؤيا ثلاثٌ: فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويفٌ من الشيطان، فإن رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقصَّ إن شاء، وإن رأى شيئاً يكرهه فلا يقصه على أحدٍ، وليقم يصلي”.
وفي هذا الحديث هدي للمفسرين وللحالمين على حد السواء، أما المفسر فليعلم أن الأحلام على ثلاثة وجوه كما ذكرها الرسولﷺ، وإن جاءه من يحدثه برؤيا مكروهة فواجبه النصح ألا يحدث بها وأن يصلي، وهذا ما يعرفه الحالم إن عرف هذا الحديث.
تفسير الأحلام باللغة
تفسير الأحلام باللغة لفظاً ومعنى ودلالة
بعد التفسير من القرآن والسنة النبوية؛ قد يلجأ المفسر إلى البحث في اللغة من حيث المعنى أو اللفظ، وذلك على الوجوه التالية:
- أن يتم الأخذ بمنعى اللفظ الظاهر في المنام، كتفسير رؤية اسم “باسم” بالسعادة، و”عباس” بالحزن أو الغضب.
- الأخذ بما تدل عليه الكلمات، فرؤية القمر قد تدل على الوزير، لأن النسبة بين الملك والوزير كالنسبة بين القمر والشمس.
- الأخذ بالتأويل الباطني للكلمة، أي تفسير الكلمة بغير ما تدل عليه في الظاهر كتفسير رؤية الإسهال في المنام أنه يدل على الكرم واليد المبسوطة، أو تفسير رؤية الجراد في المنام أنها تدل على الجنود.
- التفسير بالضد أو العكس، وهنا يلجأ المفسر إلى قلب المعنى فيقول عن البكاء في المنام فرحٌ في الدنيا، أو يقال أن من مات في الحلم فهو عمرٌ جديد والله أعلم بما يقولون.
- والكلمات التي قد تحمل معنيين يتم تفسرها أحدهما بالآخر، فرؤية الذهب مثلاً قد تدل على ذهاب الاشياء من أمول وممتلكات (الذَّهَبُ اسم وذَهبَ فعل).
تفسير الأحلام بالرموز والتراث
تدخل الأمثال والرموز الشعبية في أدوات تفسير الأحلام
وهذا باعتقادنا آخر الأبواب الرئيسية لتفسير الأحلام، فكل ما عدا ذلك يكون فرعاً مما ذكرناه بطريقة أو بأخرى والله أعلم.
والمقصود بالرموز والتراث أمرين؛ أما الأمر الأول هو ما تحمله الرؤيا من رموز ثقافية أو معانٍ عامة أو صورة نمطية، وأمَّا الثاني فهو التراث وما يحمله من أمثالٍ وأقوال وغير ذلك.
الرمز في تفسير الأحلام
واستخدام الرمز في تفسير الأحلام شائع، وهي رموز بسيطة أو معقدة، فمثال الرمز البسيط تفسير رؤية البحر في المنام على الاتساع في كل شيء لقولنا مثلاً بحرٌ من العلم، أو تفسيره بالهيبة والخوف، فهذا رمز البحر المعلوم لكل الناس.
وأمّا الرموز المعقدة حيث يكون الرابط بين التفسير والرؤيا معقداً وبعيداً عن الذهن، ومثال ذلك تفسير نكاح الميت على أنه نيل أمر مل طالبه من طلبه أو تحصيل حق ميت، فالمفسر هنا أخذ ما ينطوي على النكاح من وقع في النفس بالنصر أو تحقيق الرغبة ودمجها مع معنى الموت، فقال أن نكاح الميت في المنام إنما تحصيل لحقٍ أو إحياء لأمر ميت.
التراث وعلاقته بتفسير الأحلام
والمقصود بالتراث هو ما يحفظه العقل الجمعي من أقوال أو قصص أو أمثال وما شابه، حيث يستخدمها المفسر في تفسير الحلم، ومثال ذلك تفسير رؤية الحديث مع البئر بالصديق الذي يحفظ الأسرار لقول العرب “سرك في بئر”، كذلك تفسير رؤية الخاتم بالحبس لأنه سمي عند البعض محبساً.
ومنها أيضاً دلالة اليد الطويلة في المنام على الكرم، وقد يفسرها آخر أنها تدل على السرقة حسب ما تعني في ثقافته، كذلك تفسير عض الأصابع في المنام كدلالة على الندم.
ويتمسك المفسرون المعاصرون ومناصرو مذهب التحليل النفسي في تفسير الأحلام بهذا الباب من أبواب التفسير، حتى يدعي بعضهم أن وراء كل حلمٍ يراه الإنسان رمز خفي في عقله الجمعي.
شخصية مفسر الأحلام
ما هو دور مفسر الأحلام في تفسير الحلم؟
يتميز عصرنا هذا بسرعة وسهولة الصول إلى المعلومات، حتى الكتب أصبح لها محركات بحثٍ خاصة، فتستطيع أن تضع كلمة واحدة لتجد مواضع ذكرها في الكتاب، وبهذا يمكن أن تستخرج كل الآيات التي تتحدث عن اللباس مثلاً، وكل الأحاديث التي أتت على ذكر الثياب، وتفسير اللباس لابن سيرين وابن شاهين والنابلسي وغيرهم، وكل الامثال التي تتحدث عن الثياب وكل ما له علاقة بتفسير رؤية الثياب في المنام، وذلك سيكون سريعاً جداً، إذاً ما الحاجة لمفسر الأحلام وما هو دوره.
بالدرجة الأولى تفسير الأحلام كما ذكرنا في المقدمة هبة من الله يمنحها لمن يشاء، وقد عرف التاريخ أشخاصاً بعينهم من أنبياء وصالحين تميزوا بقدرتهم على فك رموز الرؤيا بما علمهم الله، وهذا يعني أن ليس كل منا قادراً على إدراك معنى الرؤيا من وجهة نظر الدين الإسلامي.
وبالدرجة الثانية؛ يجب أن يمتلك مفسر الأحلام ذكاءً خاصاً يجعله قادراً على إدراك التقاطعات بين معاني الرؤيا المختلفة وبين حال الرائي، فالغني ليس كالفقير، ورؤية الزواج للمتزوج ليست كرؤيته للأعزب، ورؤية الصلاة لقليل الإيمان ليست كرؤيتها للمؤمن.
وعلى ذلك يقوم المفسر بالتعرف على صاحب الرؤيا ليتمكن من إدراك المعنى الأقرب لحاله، وهذه ليست مهمة يسيرة، فامتلاك المعلومات والمعاير لا بد أن يقترن بذكاء وسرعة بديهة وفراسة.
وأهم ما يجب أن يتمتع به مفسر الأحلام أن يمتلك الحكمة التي تجعله يسكت عن الشر والسوء ويبدي عليه قول الخير، ولا يتركن العالم العارف قولة لا أعلم.
ملاحظة مهمة: يميل أهل الإفتاء إلى جواز أخذ أجرة على تفسير الأحلام وتعبير الرؤى وذلك لقاء الجهد المبذول من المفسر لتفسير الرؤيا، على ألا يقدم تفسيره كحقيقة قطعية أو تنبؤ بالغيب أو معرفة بالبواطن والأسرار، وعلى أن يكون المفسر مؤهلاً عالماً عارفاً، والله أعلم.
أخيراً… يحمل تفسير الأحلام خطورة كبيرة على الرائي، فقد سمعنا الكثير من القصص عن حالة الرعب التي أصابت أحدهم بسبب تفسير حلم، والقول الحقُّ أن قدر الله واقع لا مناص، فرأيت أم لم ترى، وفسرت أم لم تفسر، لا مفر مما أراده الله لعبده، وقد حذرنا النبي ﷺ ألَّا نقص الرؤيا إلَّا على أهل العلم والنصح.