سورة القصص في المنام
سورة القصص تدل على علم وفهم وصواب في الرأي ومال جزيل والسعي في ذكر الله وصلاح الأمور
تفسير: إن الذي فرض عليك القرآن
إن الذي فرض عليك القرآن
- قال تعالى “إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقرْآنَ لَرَادّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قل رَّبِّي أَعْلَم مَن جَاءَ بِالْهدَىٰ وَمَنْ هوَ فِي ضَلَالٍ مّبِينٍ”.
- فقوله تعالى إن الذي فرض عليك القرآن هو جزء من آية في سورة القصص، وهي الآية 85.
- وتقع سورة القصص في الجزء 20 من القرآن الكريم.
- وتقع هذه الآية في آخر السورة في خطاب من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم.
سبب نزول إن الذي فرض عليك القرآن
- جاء في كتاب لباب النقول في أسباب النزول للإمام السيوطي رحمه الله، أن سبب نزول هذه الآية أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك.
- وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخرجه قومه من مكة وكانت أحب البقاع إليه أخذه الشوق إليها.
- وذلك لما بلغ منطقة تسمى الجحفة فأنزل الله تعالى هذه الآية “إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقرْآنَ لَرَادّكَ إلى مَعَادٍ”.
- حيث كانت هذه الآية تسلية لقلبه وتفريجا لهمه صلى الله عليه وسلم.
- وقد جاء ذكر سبب النزول هذا عن عدد من أئمة التفسير.
مناسبة إن الذي فرض عليك القرآن لما قبلها
- ذكر الله عز وجل قصة قارون الطاغية الذي تكبر بماله على الهدى والإيمان، كما أخبر عن فتنة الناس فيه.
- ثم جاء بالعاقبة المؤكدة فقال:
- “تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يرِيدونَ علوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَة لِلْمتَّقِينَ * مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَه خَيْرٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجْزَى الَّذِينَ عَمِلوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانوا يَعْمَلونَ”.
- القصص 83-84.
- فلما تحدث عن التمكين المؤقت لأهل الطغيان في الدنيا ثم الجزاء العدل في الآخرة، بشر النبي صلى الله عليه وسلم بشرى.
- وهذه البشرى هي بالتمكين له ولأهل الإسلام وقوة شوكتهم في الدنيا قبل نيلهم الجزاء في الآخرة.
تفسير: إن الذي فرض عليك القرآن
هناك خلاف بين أهل العلم في تفسير: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد، حيث ورد:
القول الأول
- أما تفسير: (إن الذي فرض عليك القرآن) فهو متفق عليه وهو قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم.
- حيث يقول أن الله عز وجل هو الذي جعل أداء القرآن من الفروض الخاصة عليك يا محمد صلى الله عليه وسلم.
- أما قوله تعالى “لرادك إلى معاد” فهو محل خلاف المفسرين في هذه الآية فبعضهم قال رادك إلى معاد أي إلى يوم القيامة.
- ويقصد به السؤال كما هو الحال عند كل الرسل الذين افترض الله عليهم الرسالة فسيسألون عنها يوم القيامة.
- قال تعالى “فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمرْسَلِينَ” الأعراف 6، وقال أيضا “يَوْمَ يَجْمَع اللَّه الرّسلَ فَيَقول مَاذَا أجِبْتمْ”.
- المائدة 109.
- وهذا القول هو قول عكرمة وابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك عطاء وسعيد بن جبير وغيرهم.
القول الثاني
- أما القول الثاني في قوله لرادك إلى معاد أي إلى مكة، وهذا القول هو الموافق لسبب نزول هذه الآية.
- فلما حزن النبي صلى الله عليه وسلم بسبب أن قومه أخرجوه من مكة بشره الله بأنه عائد إليها بإذنه تعالى وقدرته.
وجه الاختلاف
- والاختلاف في الآية اختلاف تنوع لا تضاد فهي تحتمل كلا الوجهين معا.
- ولا تنافر بينهما فالنبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى مكة في الفتح.
- وذلك في السنة الثامنة للهجرة، وكذلك سيرد إلى ربه ليسأله يوم القيامة سؤاله لباقي النبيين.
مناسبة إن الذي فرض عليك القرآن لما بعدها
- قال الله عز وجل بعد قوله إن الذي فرض عليك القرآن “وَمَا كنتَ تَرْجو أَن يلْقَىٰ إِلَيْكَ الْكِتَاب إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۖ فَلَا تَكونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ” القصص 86.
- أي لما أخبر الله عز وجل نبيه أنه هو الذي فرض عليه أداء القرآن وأخبره أنه سيسأل عنه صلى الله عليه وسلم.
- ذكره أن إنزال الكتاب عليه هو محض فضل من الله تعالى عليه ورحمة منه له صلى الله عليه وسلم.
- ثم أمره عز وجل بعدم موالاة الكفار وأهل الشرك مهما أخرجوك آذوك أو فعلوا فيك من الأفاعيل.
- وذلك كقوله تعالى “وَإِن كَادوا لَيَفْتِنونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَه ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَن إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا”.
- الإسراء 73-74.
فوائد من تفسير: إن الذي فرض عليك القرآن
- نستنبط من تفسير: إن الذي فرض عليك القرآن جملة من الفوائد التي تعين المسلم على زيادة إيمانه.
- فمن ذلك أهمية القرآن وفضله العظيم عند الله عز وجل.
- فالله عز وجل لم يقل إن الله لرادك إلى معاد بل نسب نفسه سبحانه للقرآن.
- وهذا يدل على عظم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم والتي هي تبليغ القرآن والوحي.
- كما نستفيد من قوله تعالى “لرادك إلى معاد” عدة فوائد منها أهمية استشعار العبد لدنو الأجل واليوم الآخر.
- فيعمق إيمانه بالبعث وبالحساب فيزيده ذلك خشوعا وحسن عمل ليفوز بلقاء الله عز وجل.
- كما يستشعر أن عمره بيد الله تعالى وحده لا بيد أحد سواه فلا يوالي ولا يظاهر أهل الكفر خوفا على حياته.
- بل يتقي الله حيث كان ويتوكل عليه وهو قادر على التمكين له كما مكن للنبي صلى الله عليه وسلم بفتح مكة.
- وحتى إن لم يمكن له في الدنيا يكون فاز بالأجر والثواب العظيم في الآخرة الذي لم يعجل له في الدنيا.
- كما أن بعض أهل العلم يذكر من التمكين الموت على المبادئ.
- فمن لم يمكن له في الدنيا يكفيه الموت داعيا لله عز وجل.
- وتقع هذه الآية في آخر السورة في خطاب من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم.