اللهم اغفر له وارحمه واجعل قبره روضه من رياض الجنه
إن الوفاة للإنسان ليست النهاية وإنما الانتقال من عالم الدنيا إلى عالم آخر هو عالم البرزخ الذي يعتبر أولى منازل الآخرة بالنسبة للشخص المتوفى.
وعندما يموت الإنسان فإن عمله قد انقطع إلا من ثلاث (ومن بينها دعاء أبنائه له)، وعليه سنقوم في هذا المقال بالحديث عن الدعاء اللهم اغفر له وارحمه واجعل قبره روضه من رياض الجنه.
ماذا يصل للميت من أعماله الصالحة؟
إذا مات العبد المسلم تطوى صحيفة أعماله وحسناته، ولا يتبقى له إلا ثلاثة أشياء تنفعه حتى بعد موته أخبرنا عنها رسول الله وهي:
العلم النافع: يعتبر العلم الذي ينفع الناس من الأمور تتبع الإنسان بعد موته، ويمكن تلخيص ذلك بما يلي:
العلم النافع الذي يخلفه المسلم بعد موته سيبقى ينزل في صحيفة حسناته طالما هناك من ينتفع به.
وهذا تصديقًا لقول النبي عليه السلام: (إنَّ مِمَّا يلحقُ المؤمنَ من عملِهِ وحسناتِه بعدَ موتِه عِلمًا علَّمَه ونشرَه).
ويدخل تحت هذا الأمر أن يعلم الناس أعمال الخير ويدعوهم إليها.
وأن يحرص على هداية الناس للحق، فلقد أخبرنا الصادق المصدوق أن العبد المسلم إذا هدى الله على يديه إنسانًا واحدًا خيرٌ له من أن يملك حُمر النعم.
وهي أحسن أنواع الإبل، ويدخل في ذلك تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات.
الصدقة الجارية: وهي من الأشياء التي يصل أجرها للميت.
ويمكن أن نجمل الأشياء التي تدخل تحت الصدقة الجارية بما يلي:
بناء المساجد أو الدور التي تؤوي عابري السبيل.
أو حفر الآبار أو زراعة النخيل، أو حفر الآبار.
لقد جمعت كل هذه الأصناف في الحديث الشريف.
(سبعٌ يَجري للعبدِ أجرُهُنَّ، و هوَ في قَبرِه بعدَ موتِه: مَن علَّمَ علمًا، أو أجرَى نهرًا، أو حفَر بِئرًا، أوغرَسَ نخلًا.
أو بنَى مسجِدًا، أو ورَّثَ مُصحفًا، أو ترَكَ ولدًا يستغفِرُ لهُ بعد).
الولد الصالح: اعتبر الشرع أن الولد هو امتداد لوالديه فكل أعماله الصالحة التي كان والداه هم السبب فيها.
سوف تسجل في صحيفة أبويه، كما أن دعاء الولد الصالح سوف يصل إلى أبويه كما أخبرنا النبي.
شاهد أيضًا: رؤية الأب المتوفي في المنام وهو غاضب
ما يصل للمتوفى من أعمال غيره
هناك العديد من الأمور التي يصل أجرها للمتوفى يمكن تلخيصها بما يلي:
تلاوة القرآن
وهناك عدة آراء لأهل العلم تتجلى بما يلي:
ذهب السادة الأحناف والسادة الحنابلة أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت
أي أنه يجوز للعبد المسلم أن يقرأ القرآن ويُهدي ثواب القراءة إلى شخصٍ متوفى.
أما متقدمي المالكية فكانوا على كراهية قراءة القرآن وإهداء ثوابه للمتوفى.
بينما متأخري السادة المالكية قالوا بوصول ثواب القراءة للميت.
بينما السادة الشافعية قالوا جميعهم بعدم وصول ثواب قراءة القرآن للشخص المتوفى.
مع أن بعض المتأخرين من الشافعية قالو بوصول ثواب القراءة مستدلين على ذلك بقول النبي بجواز الصوم عن الميت أو الحج عن الميت.
الصدقة
عموم قول الجمهور من العلماء على وصول أجر الصدقة إلى المسلم الذي توفي آخذين بحديث النبي عليه السلام: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وأُرَاهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا).
الدعاء
يعتبر الدعاء من الأمور التي أجمع جمهور العلماء على وصولها للميت.
وذلك أخذًا بالكثير من الأحاديث النبوية التي أخبرتنا بذلك، حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أننا إذا صلينا على الميت أن نخلص له بالدعاء، فلو أن دعاءنا لا ينفعه لما أمرنا النبي بذلك.
كما نقل الإمام النووي رحمه الله أن الدعاء يفيد الميت وكذلك الاستغفار وقوفًا عند طلب النبي الاستغفار للميت عند قبره.
الحج والعمرة
حيث ذهب جمهور العلماء إلى وصول أجر الحج والعمرة للميت أخذاً بحديث النبي عليه السلام.
عندما سألته امرأة عن جواز حجها لأبيها فأقرها، بينما خالف المالكية ذلك.
اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة المتوفي زوجها مشاهدة التلفاز؟
اللهم اغفر له وارحمه واجعل قبره روضه من رياض الجنه
هناك الكثير من صيغ الدعاء للمتوفى منها المأثورة وغير المأثورة، وفيما يلي بعض صيغ الدعاء للميت:
اللهم ادخله الفردوس الأعلى من الجنة من غير حساب ولا عذاب.
اللهم أجعل هذا المتوفى مع النبيين ومع الصديقين ومع الشهداء ومع الصالحين.
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار.
واللهم مد لهذا المتوفى في لحده مد بصره، واغسله من ذنوبه بالماء والبرد والثلج.
اللهم اغفر له وارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة
اللهم املأ قبره بالضياء والسرور والهناء والحبور.
واللهم إنه هذا العبد أضحى في ذمتك وعظيم جوارك فنجه من فتنة القبر وعذاب جهنم، وأنت أهل الثناء والحق واسمك الحق فاغفر لعبدك وارحمه يا أرحم من رحم.
اللهم إن عبدك كان يشهد ويوقن أنه لا رب غيرك وأن محمداً نبيك ورسولك وأنت علام الغيوب.
واللهم ثبت عبدك عند سؤال الملكين، اللهم أنا نتوسل بنبيك إليك ونقسم باسمك عليك أن ترحم عبد المتوفى ولا تعذبه، اللهم أنه دخل عليك وأنت خير من ينزل به العباد، واصبح مفتقر إلى رحمتك وأنت القدير الغني الذي لا حاجة بك لعذابه.
اللهم أعطه رحمتك وعفوك ونجه من فتنه اللحد والقبر وضيقهما، وأنزل عليه برد رحمتك ونعيم فضلك حتى يلاقيك يوم القيامة وقد غفرت ذنوبه وأدخلته الجنة بغير حساب.
واللهم انقل عبدك هذا المتوفى من براثن الوعثاء والدود وضيق القبور واللحود إلي جنات الرب الودود بذنبٍ مغفور وعملٍ مبرور وتجارةٍ لن تبور.
فلسفة الموت عند الديانات السماوية والديانات الأخرى
الموت بحسب التعريف العام هو خروج الروح من الجسد، حيث أنه لم يدّعي أحد أنه يعرف حقيقة الروح، وسنقوم بتلخيص فلسفة الموت وما بعده:
أجمعت الديانات السماوية الثلاث أن الإنسان لابد أن تخرج روحه من جسده ويموت.
وأنه سيعود للحياة من جديد في يوم اختلفوا على اسمه.
ولكن هو يوم يحاسب فيه الله تعالى العباد على أعمالهم ثم يكون مصيرهم إلى الجنة أو إلى النار.
أما الديانات الأخرى وأشهرها الهندوسية والبوذية فلا يقولون بيوم يعود فيه الناس كلهم للحياة ويحاسبون.
كما لا يقولون بوجود جنةٍ أو نار بل يعتقدون أن كل إنسان مات سوف يُبعث من جديد بجسدٍ آخر.
وحياة جديدة على حسب أعماله في الحياة الأولى وهنا تتجلى العدالة الإلهية في معتقدهم.
ولذلك هم يحرقون جسده الأول وينشرون رماده أو يضعونه في النهر المقدس.
أما الفراعنة القدماء فكانوا يعتقدون أن الحياة سوف تعود مرةً أخرى لنفس الجسد.
ولكن بكيفيةٍ مختلفة، لذلك كانوا يحنطون المتوفى ويضعون معه أمتعته وملابسه وحتى كنوزه.
كما كانوا يضعون معه بعض الطعام والشراب كي يأكل ويشرب عندما تعود له روحه.
وقد بنوا الأهرامات في غرب النيل كقبور لملوكهم.
حيث كانوا يحنطون الفرعون بعد أربعين يوم.
ويضعونه في المدفن الملكي مع كامل كنوزه كي يستخدمها عندما يبعث في العالم الآخر.